غربة روح







أحاول الوصول لي عبر ثقوب صغيرة في جسدي، أنا كقطعة اسفنجية رخوة و رطبة، ملساء أحياناً و خشنة أحيان أخرى؛ في كل يوم تتعثر خطواتي و أقع يتمزق قميصي، كل كلمة جارحة تتخذ لها مسكناً بجوار البثور في وجهي، الصفعات تترك أثراً، هذا الجسد تتسربُ منه الكلمات و القصائد، الروح تنتحب؛ تسكُر، ترتجف، تغني، تبتهل الأمنيات، تخشع، و تصلي لله فرضاً واجباً بأسم كل رسائل السماء، تصلي فرضاَ مُستحباً و تقرأ في القنوت الرجاء و السلام، بأسم صلوات كل الأنبياء والمُرسلين، تتأمل، تترقب، تعبرُ الفلك و السموات ثم تعود، كل ليلة تهرب من الجسد المليء بالحبر الأسود، الروح طاهرة، الجسد بريء من الثقل الذي يجره خلفه، هذه الغمامة السوداء لا تنجلي، النور لا يصل؛ أعد الثقوب و اخطئ العد مراراً و تكراراً، يدي تحاول عناق روحي، تحاول القبض على القلب يسار صدري لئلا يهرب دون هُدى، يدي تحاول الطبطبة على جسدي المُرهق و تخبره أن لا بأس عليه، يتمزق قميصي الأخير ثقوبي تتسع، روحي تسافر للسماء و تعود، و يدي لا تزال تحاول الوصول، أنا اُداوي الجرح الغائر و امسحُ أثر ظل الليل تحت عيوني، أخبرني كل ليلة حكاية تدفع بي للإستمرار حتى يوم الغد، الهدهدة تُطمئن روحي لتستقر بأمان و تهدىء، عبر الثقوب أشاهد ذاتي تسهر على راحتي، في كل يوم تحدث جلبة في داخلي و أعود لترتيب كل شيء لمكانه قبل شروق شمس الصبح، نهاري لا يطُل، حين الليل في الأجواء حل! آه قلبي! البكاء يكسر جُناح الصمت في الليل الطويل، عبر الثقوب، و قد لجّ بي الشوق، احاول الوصول لي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة كتاب: لا تقولي إنك خائفة

سيرة ذاتية مبتكرة

النمرة خطأ