حياة كاملة| روبرت زيتالر
التصنيف: رواية
الصفحات: ١٤٣
دار النشر: التنوير
الطبعة: الأولى ٢٠١٧
الترجمة: ليندا حسين
"يقول الناس: إن الموت يلد حياة جديدة"
بينما يتسلق الجبال و يسير في الوادي، لا يبرح من ذاكرته بأن: ««الروح والعظام والنفس وكل ما قضى المرء عمره متعلقاً أو مؤمنًا به، سينخر البرد كل شيء.» و لأن الإنسان يولد و يموت وحيداً. فإن كتاب حياة كاملة يصف تسلسل شريط حياة متواصلة بدون سئم أو انقطاع، إنها حياة أندرياس ايجر. لا يسع الشخص أن يتقدم دون عبوره مراحل الطفولة و الشباب و الكهولة.
طفولته اليتيمة كانت العبور الأول لخطواته في منزل كرانتزشتوكر الذي وجد نفسه الوصي عليه طمعاً في القليل من النقود المعلقة في محفظة جلد يحملها برقبته و هو ذو سنوات أربعة، الجحيم قد لا يكون أسوأ من العقاب التأديبي الذي يلسعه كل يوم لأي خطأ غير مقصود. علقة ساخنة بعصا ثخينة جاهزة بأي وقت حينما ينسكب الحليب أو تفر الأبقار من القطيع. و لإن الأعمال الشاقة لا تنتهي فإن نصيبه منها أن يعاني، كان هزيلاً و هادئاً جداً و منعزلاً عن الآخرين و يمتلك ساق مُصابة «استرد إيجر قواه، إلا أن ساقه بقيت عوجاء، واضطر منذ ذلك الحين أن يعرج طوال حياته. كان يبدو وكأن ساقه اليمنى تحتاج دائماً دقيقة إضافية عما يحتاجه باقي جسده، كما لو أن عليها قبل كل خطوة أن تفكر، إذا ما كانت هذه الخطوة جديرة حقاً بجهد مثل هذا».
مروراً بمرحلة الشباب كان قد سئم جحيم كرانتزشتوكر و انطلق هائمًا للسعي بحثاً عن لقمة العيش و قوت يومه، و لما التقى ذات مرة بحب حياته. و ماذا عن اعتراف الحب؟ «لو كان الأمر له، لقضى بقية حياته جالساً على حافة طريق، يداً بيد مع ماري، مستندين إلى جذع شجرة صنوبرية».
لم يكف عن العمل كل يوم و عزمه لم ينحني أو يكل، لا تمر الحياة بوتيرة واحدة، الجميع يأخذ نصيبه من المعاناة، لكن ايجر لا تضعف همته إطلاقاً. ما الذي يمكن لرجل أعرج ذو قدم مصابة أن يعمل؟ ربما كان يعرج على الوادي ولكنه على طريق الجبل حيث يألف أن يعيش وسط الطبيعة فلا أحد سواه يعرف التضاريس و معالم الأرض.
ستسمع دوي الانفجارات، و طبول الحرب و تشاهد صفوف الجيوش العسكرية تهب و ايجر كالشجعان لا يهاب، إنها طريق حياة طويلة. و قد تتصادف الطرق أخيراً و تجمعك بالأصدقاء القدامى و كرانتزشتوكر مرة أخرى، فما الذي يقوى على فعله رجل كهل يجلس وحيداً يتأمل المارة أمام كوخه الصغير؟ «كان يرى الموت جاثماً في كل مكان، وكل مساء يكون متأكداً أنه مع العتمة ستهبط عليه أيضاً الراحة الأبدية. لكنه في اليوم التالي كان يستيقظ مجدداً.»
و بالرغم من تقدم السنين، كان لا يزال قوياً شامخاً كالجبال، و لكنها الكارثة و انهيارات الجليد، فكيف تترك انعكاساً واضحاً على ملامح ايجر. رواية مُلهمة، لا تنتهي عندها فصول الدهشة، تحمل لنا صورة المشقة في الحياة و الدفء في القلب، إنها حياة كاملة شُجاعة.
«لم يكن بإستطاعه أن يتذكر من أين اتى، و في النهاية لم يكن يعرف إلى أين سيمضي، لكنه ينظر إلى الزمن الممتد بينهما من حياته» يضحك كثيراً، و يتبادل الحكايات مع طيف ماري.
ستشعر بنسيم الهواء الطلق، و يلسعك برد الشتاء فوق الجبال، تسير عبر الوادي و تشاهد أطياف الكثيرين، و ربما ترغب في الحصول على فرصتك في تسلق الجبل، أو ركوب التلفريك، و لعلك تكتفي بمشاهد شروق الشمس على الجبل، أو غروب الشمس على الوادي. تحذير - يُدون ايجر ملاحظة في تفاصيل إعلان كتبته عند النافورة القريبة بأن تسلق الجبل في الليل لا يخلو من الخطورة.
انطلق في مغامرة جديدة، و عش حياة كاملة.
اقتباسات:
1- "كانت الشمس تميل للغروب، وقمم الجبال البعيدة أيضاً كانت تبدو واضحة للغاية وكأن أحداً قام للتو برسمها في السماء."
2- "وبمجرد أن يضع رأسه على الوسادة، كان يغط في نوم ثقيل بلا أحلام. ذات مرة استيقظ في منتصف الليل بإحساس غريب."
3- " كانا يجلسان في مكان ما على حجر، و ينظران إلى الوادي"
4- "كان الموت ينتمي للحياة، مثلما ينتمي العفن للخبز. الموت كان الحمى و كان الجوع"
5- "لا خطر على الجسد و الروح!".
تعليقات
إرسال تعليق