عين تسترق النظر.

.
عين تطل من نافذة منزل الجيران و تراقب حول نافذة غرفتي، عين بحجم وجهي، العين تخرجُ من إطار الصورة، العين عقاربُ الساعة عن كثب، العين لعملاق يسكن الغرفة المجاورة، بيت الجيران لديهم عملاق يسكن في علية الطابق الثاني، الغرفة تحتوي على مكتبة، المكتبة على الجدار تقابلُ مكتبتي.
أحياناََ في الليل، و في أوقات النهار خارج الغرفة، تطير الكتب من مكتبتي لمكتبة العملاق، و أحياناََ يمد يده و يستعير بعضٍ من كتبي دون إذن مني.
أحياناََ، أرى بين رفوف مكتبتي، كتب لم أقرأها من قبل، كتب جديدة، أو كتب مُغبَرة و عتيقة. أحياناََ اداهمُ الغرفة على عجل فلا تستطيع الكتب المغادرة فتسرعُ للإختباء بين عناوين مكتبتي، لكنها لا تعلم إنني أملكُ سجل ضخم أدونُ فيه العناوين و يمكنني ملاحظة الكتب المتسللة.
قبضت عليها، كتب بتهمة التسلل و التنصت و التنصل، جريمة كتاب! أحياناََ اتركها تغادر و أصفحُ عنها بالعفو و السماح، العملاق في الغرفة المجاورة لا يعلم بإنني كشفت أمره.
عين العملاق لا تزال تُحدق في مساحات الضوء و الظل في غرفتي. عملاق يحب الكتب، لا يوجد له شبيه، حتى عملاق القصص الخيالية لا يكاد يشبه الأمير العملاق الذي يحب بيل عاشقة الكتب.
أسمع صوت تحريك قطع السكر في كوب الشاي بالملعقة، العملاق يشارك الجيران في وقت الشاي، يحب أن يرتشف الشاي. صوت رنين الملعقة يشبه صدى جرس عملاق في محل التحف القديمة.
في بُعد زمني، غريب و مزيج من العوالم المختلفة، كل شيء ثابت في الغرفة، أحياناََ اسمع طرق خفيف على النافذة في الليل، لعله العملاق يحاول أن يأتي دون موعد، لنخوض حديث حول الكتب، لعله قرأ كتاب من مكتبتي، كتاب مُلهم، يحيطه بشعور الفضول و الدهشة و الرغبة في مشاركة الحديث في ساعة مُتأخرة من الليل، في كثير من الأوقات اترك نافذتي مفتوحة، و أراقب حولها، الكتب لا تطير، لا تتسلل، العملاق لا يطرق النافذة، لا أشاهد يده تمتد لرفوف مكتبتي.
فتحت ستار النافذة و لمحت العين مُحدقة! شديدة التحديق، واضحة، تمتد نحو الأفق، واسعة، عميقة، عين مُشرقة، بؤبؤ يتسع، يُحدق في المدى! عين حولها تجاعيد الإبتسامة الخفيفة، إبتسامة مُبهرة، فاتنة.
عين لا يرتسم حولها ظلال الليل، العين تسهر كثيراََ مُحدقة في الكتاب، و مرة أخرى تطل عبر نافذتي! أنا و العملاق نتبادل النظرات، العينان تتسعان، العين بالعين و مكتبة تقابل مكتبة على الجدار الآخر.