رسالة حقد برئية *
ترقص ببلاهة راقصة الباليه في صندوقي الموسيقي المفضل، بينما أمشط أنا
المساحات البيضاء من أرض غرفتي القابعة تحت تأثير الضوء و الظل في اللحظة التي لا
يكف فيها رأسي عن التفكير بكيفية البدء برسالة تقبع في أعماقي جداً، أعود إلى
القاعة الدراسية حيث أدرس الرياضيات للسنة الثالثة على التوالي، نعم ! أنا أخوض
تجربة جديدة في حياتي ، مكرررة يا للملل بحق!
لا يطاوعني قلبي لأخبركم إنني
حملت المادة لأول مرة في المرحلة الجامعية. شكراً لأمي التي كانت تدرس معي في
المراحل الأولى في دراسة الرياضيات تعد معي البرتقال و التفاح أثناء تناول الغذاء،
و لأبي الذي لا يمل من سؤالي يومياً عن جمع الأعداد العشوائية و ينعتني بالغباء
عندما أتأخر في الإجابة أو أخطئ في العد!
شكراً للمعلمة (س.ن) التي كانت تقدم لي نجمة نهاية الأسبوع أو هدية أو
قد تكتفي بتسجيل ملاحظة خطية لأمي: " الرجاء متابعة الطالبة من قِبل ولي
الأمر". دون أن تلتفت لتعيد لي شرح المسألة مهما كانت تتمتع بالسلاسة و
البساطة، و للمعلمة (ن.ش) التي مدحتني أمام الطالبات و أبدين حقدهن لي لنهاية
السنة دون سبب مقنع .
و للمعلمة الأخرى التي بدأت معها قصة لحقد الكبير بقلبي لها و
للرياضيات أبد الأبدين و لأنها لا تستحق غاب عن بالي تهجئة اسمها ،لم تكتفي بنعتي
بالغباء أو السخرية مني عندما بدأت العد بإستخدام أصابع يدي ،بل تمادت بالسخرية من
قدراتي عندما شككت في نتيجة الأختبار و عَمدت إلى إعادة جمع الدرجات المقدرة
لأكتشف فارق العدد بين النتيجتين، موقنة حتماً بأن لعنة ما حلت بي ولا تأبى أن تفارقني .
هذه الرسالة كانت مغلقة بإحكام و مكدسة بين أوراقي الأخرى في مكتبي
الخشبي القديم، أنا لا أزال كما عهدتني أجلس لساعات في عزلتي و أمشط المساحات الفارغة
في غرفتي .اليوم أنا هنا أعيد ترتيب الفوضى العالقة بي و أحاول فك أثر اللعنة .
منذ ذلك اليوم أنا درست المادة ذاتها لأربع مرات متتالية و نجحت في تجاوزها أخيراً
بصدفة ما .
لكن ،المستوى الثاني من مادة الحساب التي أدرس و بطريقة ما أو بأخرى
وجدتني عالقة مرة أخرى ،واثقة إنني بإستطاعتي تجاوز ذلك لن يكون الأمر صعباً ،هدفي
الحالي التخرج و مغادرة كرسي الجامعة المهترئ .
كلمة أخيرة لكل من حولي ، شكراً لكم لم يدعمني أحد ، لم أكن بحاجة ليد
ممتتدة أو يد تمسح على رأسي ،لم أبكي لساعات لم أتكور حول نفسي و ألعن الظلمة من
حولي و الوحدة المقيتة.
أنا تجاوزت كل ذلك ،أنا هنا اليوم ، و هذه اللحظة الآن هي كل ما أرغب
أن أكون.
تعليقات
إرسال تعليق