الماء



خطوات سريعة على السلالم تتجه للأسفل، 
وكما لو أن دفء العالم بين كفيك بقبضة يد دافئة.

. أسرعي أين ملابسك؟
. في الخزانة.
تتحسس المقبض برفق وتسحب الملابس على عجلٍ وتغلق الخزانة مجدداً.
هيا إذاً، لقد تأخرنا!
تهرولان على عجلٍ نحو الباب ويكشف النور، صدى الأصوات، رائحة الكلور في الماء، صوت الصافرة، والمدربة: وصلتِ هذا جيد! وتبتسم.
تقف على مقربة من حافة البركة بتعابير باردة الإحساس، وتتسائل بهدوء: الماء!
هناك حيث لا نور يتسلل لا قوس مطر، لا حياة للأحلام. فقط المزيد من تكرار الموت!
تربتُ على كتفها برفق، أنا كنتُ أتسائل؟ ألن تنزلي للماء، ألا تبحثِ عن أمل يضمكِ إليه؟ ألم نتفق على الحياة معاً؟ انظري بإتجاه صوتي أنا ابتسم.
تجيبها: لكن أنا لا أرى ابتسامتك، لم أعد أشعر بها!
تربتُ على مجدداً وتبتسم: لا بأس، لا بأس عليكِ الآن.
تسمعُ نبضات قلبها تتدفق كسيل عارم من المياه، لامست الماء قليلاً، تحاول أن تتذكر متى كان ذلك من قبل، كما لو إنها في حُلم لا تود أن تفيق منه.
"حسناً، سأحاول " ابتسامة.
تتقدم بخفة وتنزل للماء بهدوء، دافئ جداً، تسمع صوت المطر في طرقات المدينة، كمعانقة دمية محشوة بالقطن، نبضٌ مليء بالحياة.
تغمض عينيها وتشعر بهما، تلامس الماء ويخطر في بالها السارح للبعيد، لون السماء، الغيوم، قوس المطر والماء! لن تنسى هذه اللحظة الأخيرة أبداً.
تتنفس الصعداء وتغطس بعمق.
**
يتسلل شعاع ضوء الشمس عبر النافذة، الجو لطيف هذا الصباح، الغرفة مليئة بعنفوان الحياة يغلب عليها الدفء الأزرق! لا شيء يبعثُ على الرتابة المكان يضمه ديكور كلاسيكي مُرتب، تسمعً صوت منبه الساعة يشير للثامنة صباحاً، تنام بعمق فتاة تحلم بمعانقة الغيوم البعيدة جداً.
وفجأة! تفيق بعدما أصدر المنبه رنيناً متواصلاً، " حسناً أنا مستيقظة الآن". تغلقه ولم تتحرك من السرير بعد!
تنام لخمس دقائق أخرى، وتنهض بفزع:" لقد تذكرت! يا إلهي سوف أتأخر! ".
تهتم بروتينها الصباحي على عجلٍ وترتدي قميصاً مناسب للخروج تحمل حقيبة تضمها بشدة إليها وتهرول سريعاً، إلى محطة انتظار الحافلة وصولاً لنادي السباحة، تتسائل لعلي أتأخر الآن ما العمل؟ تأخرت الحافلة وانتظرت مطولاً، عزمت أمرها ستذهب لمسابقة الرياح، وتنطلق.
عند أول الشارع، تشاهد النسيم الذي يداعب الزهرات الصغيرة فتتطاير في الهواء وتترامى على الأرض! الوصول المحتم لنهاية لعلها تكون عنوان البداية، أصوات ضحك، ألوان، دمى قطنية، حلوى المارشميلو، زرقة السماء، البحر والغيوم.
تطير عالياً لمعانقة الغيوم تماماً كما الحُلم، عالياً جداً جداً!
يتعكر صفو الجو، تتلبد السماء بالغيم الماطر، تهطل بعض قطرات تتلو لله أن يصبح كل شيء بخير، أن تتحقق أماني الأطفال والحالمين!
تهطل بغزارة، وكم تعشق الشمس مداعبة الغيوم لتلعبان معاً لعبة الإختباء، ويستيقظ قوس المطر خلف غيمة.
تغمض عينيها لتضم المشهد الأخير، النور يحتمي بعينيها الزرقاوتين وتنام.
كانت تنام بهدوء، متصلة بأنبوبة الأكسجين، لا صوت ماء ينساب بهدوء هو الآخر هنا! بالجوار الدكتور يخبر الممرضة بأنها ستكون بخير حتماً، عندما تفيق سيعود لها نشاطها المعهود، تم معرفة هويتها بعد تفقد حقيبتها الصغيرة التي كانت تحتوي على البطاقة الشخصية وكراسة لجدول المواعيد وبعض اليوميات وبالإضافة إلى ملابس السباحة.
في غرفة التحقيق، شاب عشريني طائش أمام ضابط ذو ملامح حادة، يوجه عدد من الأسئلة، تعلم تماماً أن عقابك لن يكون سهلاً لو حدث مكروهاً ما لهذه الفتاة، " نعم، سيدي! ولكنني لم أقصد فعل ذلك، هذا الحادث لم متعمداً كما تعلم، أليس كذلك! ". ويمضي الوقت على مضضٍ.
تحط حمامة على شرفة المستشفى، ترقص. تستعيد وعيها تتحرك أطرافها بهدوء، تشعر بالهذيان يومض في عينيها بريق أحداثاً متسارعة. تقف بجوارها الممرضة:" مرحبا عزيزتي، أنتِ بخير؟ هل استعدتِ وعيكِ؟! ".
تفتح عينيها الزرقاوتيين بحذر خشية الضوء وتبحثُ عن مصدر الصوت. "أين أنا؟ من أنتِ؟! ".
تمسك بيديها برفق أنتِ هنا في المستشفى لقد فقدتِ وعيكِ في حادث سيارة ولكنكِ بخير بعض الرضوض التي ستتماثل للشفاء سريعاً.
" ماذا؟ أأنا أحلم الآن؟ لقد كنتُ في طريقي لنادي السباحة! ".
" لا بأس عليكِ عزيزتي ".
تتحسس وجهها وعينيها وتتسائلُ بتعجب، " إذاً لماذا الأضواء مغلقة هنا؟ ".
تُسقط الممرضة سجل البيانات من يديها وتفتح فاهها:" ماذا؟! ".
وتخرج مسرعة الخطى. "يا دكتور أسرع هناك خطبٌ ما! ".
" هل أحلم؟ هل فقدتُ بصري للتو؟ ماذا يجري معي! ".
تتكور حول نفسها وتبكي، تحتضن الضوء بعينيها و تغفو.
صوت قادم من بعيد: "لا بأس عليكِ كل شيء سيكون بخير! ".
النهاية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة كتاب: لا تقولي إنك خائفة

سيرة ذاتية مبتكرة

النمرة خطأ