المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2022

الفقد، ليلة وداع العلوية

 لطالما تسائلت عن شعور اليُتم في صورة أبي. ولما غادره والده صغيراً، طفلاً يركض بين المساحات الفارغة في مسارات الحياة، حتى بلغ الرشد محله، كم مرة تعثر؟ و كم مرة صار صوته يتردد في صدى؟ باحثاً عن الدرب في الطريق الطويلة، كم من التيه و الفقد و الوحدة التي صارت تطوف عنده وسط الحشود.  ولكنه أبي، أعرفه شديد القوة، حاد الطباع، رقيق القلب، شامخاً، يعدو في سباق المسافات، تعترضه الأيام فلا يأبه، يقف شامخاً و يواجه الصعاب، يتحدى و يُغامر. و إذا ما هده التعب، و مال ليستريح، كانت اليد الحنونة تشد بها عليه، فيتماسك و يشتد عوده، هي الكتف التي يميل إليها، العلوية، الإسم الذي لا يفارق ذاكرتنا و نحبه.  عن ليلة وداع العلوية مساءًا، حينما كان الكون يضج بصخب الحياة، و روتين الأيام، لم نعلم بأننا نقف في المكان و ثباتنا يتداعى في لحظات، و كأن الذكريات تزدحم فينا فتخرج منا و تعانق فضاءات أرواحنا المُرهقة، نشعر باليد الحنونة ذاتها تربت على أرواحنا، لنهدأ و نستكين، ليست اليد وحدها، ولكنه صدى الصوت، الهمسات الخافتة، و مناجاة الله، و الصلوات. يا رحمة الله الواسعة اشملينا اجمعي شتات أرواحنا و اجمعينا ...