معصومه إيليا

لا تمل ابداَ من الأغنيات.  الحقيقة تبدأ في الصباحات، العيون التي تراقب السقف تستيقظُ ككل يوم، لا شيء يدعو للفرح أو الحزن، الأيام تمضي بوتيرة واحدة، تكرار مُمل، لا فرق أن تستيقظ في النهار منهكاَ أو أن تنهض، أو أن تعود لفراشك بالمساء مرهقاَ، سبعة أيام في الأسبوع تمضي دون أن ألحظ شروق الشمس أو وقت المغيب، يوم آخر طويل و منهك! استيقظ لأنهمك في العمل و في أيام أخرى لا أكاد أقوى على مغادرة السرير. هذا الجسد مُتعب، و هذه اليد لا تصل للسماء، هذه اليد لا تلتقط الهواء ولا الأشياء، لا تلتقط حتى قلبي الذي يسقط في هوة عميقة من سفح جبل؛ أنا أشعر إنني لا أشعر بشيء، و ينتهي بي الشعور حيثما ينتهي بي شعوري. في الأحد اكتبُ الشعر، و في الإثنين؛ يا إلهي! إنه أسوأ الايام التي تمضي بي، متى يأتي الغد يا ترى؟ في الثلاثاء استمع لأغنياتي بصوت مرتفع، في الأربعاء اتسائل عن كل التفاصيل! عن الرب و الكون و اللغة و الموت و الحياة! في الخميس أحاول أن يمضي اليوم بشكل جيد للنهاية، في الجمعة ابحث فيه عن رائحة ايام قديمة و ذكرى لحنين ما، و في اي وقت انا اهرب من الحياة للضحك و لقاء الأصدقاء، اما في السبت فأ...

يتدحرج كأس الماء على الأرض و ينسكب، ينساب الماء، افكر في خواص الماء الفيزيائية و حالات المادة السائلة و الصلبة كالثلج و الغازية كالبخار، هذا يشبهني على الدوام، امام المرآة تروح خطواتي و تجيء عدة مرات في اليوم، في الليل و النهار، أبدو قوية، صلبة، متماسكة، لا يكسرني شيء، اهرول عبر الباب، ينهار إتزاني أمام مواجهة العالم كل يوم، اتعثر و تتحطم جزيئاتي لقطع صغيرة، الثلج يذوب، ابكي لسبب ما، أعلمه جيداَ و احياناَ لا أعلمه، أبدو كالماء، الدمع السائل على وجنتيّ يخبرني أن الماء كالمطر أحياناَ يتساقط في مكان ما بالعالم حين تبكي عيون أحدهم في الأرض، لعل ما اذرفه من دمع يتحول لمطر ليسقي الأرض الجرداء و تنمو فيه الحياة. في وقت آخر الماء يتخذ شكلاَ آخر، عبر الجريان، في البحر أو عبر الصنبور، أنا أشبه الماء أحياناَ، أنا أشعر بأني بحر، اشتاق بحجم البحر، أُحب كالمطر، حنيني ندى و إعترافاتي ضباب كثيف، أنا الماء أو ما يشبه الماء أحياناَ، أليس التكوين الأول يبدأ من الماء؟ لماذا لا أعود له تحت الماء أثناء الاستحمام أو الوقوف تحت المطر أو بالغوص في بركة ماء؟! بقعة مبللة عملاقة بحجم العالم، نص يصيبك بالبلل ...